0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 9

على سبيل التصوير:

هادئة كالعصافير.. بريئة كالأطفال.

ملحوظة: لا العصافير هادئة، ولا البراءة من شيم الصغار.

الهامش التاسع:

عندما يبكي الأطفال فهم لا يريدون منك مناقشة موضوعية حول أسباب هذا البكاء من أجل الوصول إلي حل وسط يرضي أطرافا لا وجود لها..فالمنطق آخر ما يشغل بالهم. هم يريدون شيئا ما ولن ينقطع البكاء حتى يتحقق لهم ما يريدون، أو أن تنجح في جذبهم نحو شيء آخر بطريقة - تبدو لهم- مبتكرة فينشغلون بها ، بالطريقة دون الشيء ، لتبدأ ضحكاتهم المجلجلة في اضاءة حياتك من جديد.

هل أخبرتكم أن صاحبة الفتنة لم تتجاوز الثالثة من عمرها بعد؟

كانت دائما ما تغضب لأسباب يستحيل مناقشتها ، وأحيانا رغبة في أشياء يستحيل تحقيقها. تقطب حاجبيها محاولة رسم الجدية على ملامح وجهها (الحزين أبدا..الباسم دوما). تخبط في الأرض بقدميها منذرة برد فعل عنيف إن لم يتحقق لها ما تريد. تحاول اخفاء نظرة عشق تلمع في عينيها، ودمعة تدعوه لإحتضانها.

ولأنه يحبها غاضبة ، وحزينة، وباكية، كما يحبها هادئة، وباسمة، و مشرقة، كان ينسي ، أو يتناسي، كل الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالات.. يلجمه العشق فيصمت، ويأخذه بهاء غضبها فيعجز عن التفكير حتى يتحول غضبها إلي قلق " متي سيصالحني.. وبأي طريقة هذه المرة ؟" . يتنبه أخيرا.. يبتكر طريقة جديدة .. تنشغل بها.. تضحك، وتضيء حياته من جديد.

0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 8



على سبيل التدوير:

كانا في اختلافهما متشابهين، وفي تشابههما مختلفين.

الهامش الثامن:

كان لكل شخص فيه رأي، ولكل صديق نبوءة، و رغم اختلاف الآراء وتنوع النبوءات إلا أن الغرابة ، أو قل الشطط ، ظلت عاملا مشتركا بينهم جميعا.

وكانت الكثرة والتنوع والغرابة أسباب كافية ، ومنطقية ، لتشويشه فترة طويلة..و كانت لتطول أكثر، و لولا أن التكرار من الأعداء الطبيعيين للدهشة لما توقف عن النقاش أو الاستفسار.. وظل الحال هكذا حتى جاء يوم حاول فيه صديق تقريب وجهة نظر- خاصة جدا- قائلا:

" لا أستبعد أن تصلك رسالة على بريدك الإلكتروني من فتاة أمريكية في العشرين من عمرها - حسناء بالضرورة- تخبرك فيه أنها لا تفهم كلمة مما تقول في الـOnline Radio الذي تعمل به لإنعدام علاقتها باللغة التي تتكلم بها، لكنها تؤكد في نفس الوقت أنها لا تتوقف عن سماعك لأن احساسك يصلها كاملا."

و ما أن انتهي من ذكر نبوءته المفخخة حتى نظر إلي صاحبنا المفتون مستطلعا تأثيرها عليه. ولأني تعودت - كما تعود صاحبي- على مثل هذه المواقف، توقعت ألا يخرج رد فعله عن استخدامها كمادة جيدة للتهريج ليس أكثر، لكني اكتشفت أني وقعت للمرة الألف في فخ التوقع مع مفتون تغيرت كل عاداته. فهو لم يبتسم أصلا، فضلا عن التهريج، ولم يعلق سلبا أو ايجابا، وإنما اكتفي بأن يسرع من خطوته حتى ابتعد عنا مسافة ألف سنة ضوئية، ثم عاد مرة أخري ليخبرنا بوجه نصف متجهم - نصف تائه أنه بحاجة إلي الذهاب، سألناه إلي أين لكنه كان قد أدار ظهره لنا.. ومضي.

وعندما قابلته بعد مرور عدة أيام طلب مني ألا اعاتبه على ما حدث، مقابل أن يخبرني عن هامش جديد على دفتر فتنته. وأخبرني - بعد أن وافقت طبعا- عما اسماه اختلاف متشابه، وتشابه مختلف. كررت الجملة وراءه مرة ثانية ، وثالثة ربما أفهمها .. ولما هممت بتكرارها للمرة الرابعة قاطعني قائلا:

" في كل مرة أسمع أحدهم يبدأ كلامه بجملة من نوعية " لن أندهش " أو "لن أستغرب" أو حتى " تخيل معي" أدرك إلي ماذا يرمي، و أرد عليه دونما كلام" بالتأكيد يا صديقي لن اندهش أو استغرب ..أو استبعد يوما ما.. أن يأتيها اتصال هاتفي من توني بلير يشكو لها عمرا فات دون أن يعرفها، ثم يحدثها بعد ذلك عن الصدفة التي قادته لمعرفتها - أخيرا- وعن جهوده لمعرفة رقم هاتفها.. وأخيرا عن رغبته في الكلام معها في موضوع بالغ الأهمية".

0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 7

على سبيل التقرير:

من علامات الحب الخاتم أنه يجُبٌّ ما قبله.

الهامش السابع:

كانت تقطع وتصل!؛ تبتسم إذا حضر هذا فيصير من المقربين، وتقطب حاجبيها إذا جاء ذكر هذا فينقطع ذكره إلي الأبد.

وكان - هو- يفعل كل هذا بسعادة ورضا كادا يصيباني بالجنون، فقد عهدته عنيدا لا يغيره إلا قراره، ولكن كما يبدو يجب ألا أعتمد كثيرا على ما تعودت عليه.

( أعد قراءة ما سبق. فالهامش السابع انتهي عند هذه النقطة و ما سيأتي بعد ذلك من قبيل الاستطراد، وليس به - تقريبا - أي جديد. )

قد يخيل لمن يقرأ هذا الهامش أن صاحبنا المفتون واقع تحت سيطرة محكمة لصاحبة الفتنة، والحقيقة أن من يظن هذا أبعد ما يكون عن فهم الفتنة أو معرفة أبعادها، فمفردات من نوعية "السيطرة" أو "التحكم" أو حتى "التأثير" لا مكان لها هنا. وملخص الأمر وآخر ما فيه أنه ادرك نصيبه من الدنيا واكتفي به وحمد الله عليه.. فكانت هي ولم يكن معها أحد.

0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 6


على سبيل التعليل:

ثابت هي..وكل ما سواها متغير.

الهامش السادس:

لم يكن يملك أمام طريقتها فى نطق اسمه إلا الابتسام والصمت قليلا ، قبل الرد، آملا فى أن تناديه مرة ثانية. ولم يكن يعرف أنه من اسم واحد- من اسمه هو- يمكن استخلاص كل هذه المشاعر، فتارة يصبح اسمه اعترافا صريحا بالحب، وتارة أداة قاسية للعتاب، وتارة أخرى طريقة اعتذار هى الأرق على الإطلاق. وتختلف المشاعر وتتباين ولكنها تظل قادرة دوما على اختزالها - دون اختصارها - في حروف اسمه.

لكن، ورغم كل هذا، لم تكن سعادته كاملة، فهى تناديه - كأغلب الناس- بلقبه وليس بإسمه، وهو الأمر الذى يجعله - على غير رغبة- يشعر بالمساحة التى يتركها استخدام اللقب الشائع بين الناس من فاتنة ليست كأحد من الناس.

حاولت تنبيهه أن ما يفعله هذا نوع من الكفر بالنعمة، ويا ويل من كفر بأنعم الله، فلم أحصل منه إلا على سخرية واستهزاء، وسؤال مازال يتردد في أذني حتى الآن " وماذا تعرف أنت عن الله والكفر والنعمة؟". بعد فترة صمت - تقليدية - طلب منى أن استمع جيدا لما سيقوله الآن لربما أفهم ما يعنيه وما يدور بقلبه " منهومان لا يشبعان.. أحدهما طالب حب". صرخت فيه ويحك، كان هذا حديث شريف، كيف تجرؤ؟، لم يرد لكنه أضاف إلي حيرة السؤال السابق نظرة سأظل أذكرها بقية عمري.

0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 5


على سبيل التبديل:

مفتونة به أنا الأخرى ..وهل للفتنة شروط؟

الهامش الخامس:

بعد فترة تردد، ذكرتني بتردده، قالت أنه حين أخبرها أنها فاتنة..ابتسمت. لكن هذا الإعتراف - كما أكدت لي- لم يكن البداية. ولما طلبت منها أن تحدثني بشأن البدايات، سكتت قليلا ثم قالت أحضر ورقة وقلما وأكتب ما سأمليه عليك، تجاوزت - مضطرا- عن الإهانة الضمنية.. وبدأت أكتب.

" كنت أنتظره هذا اليوم على غير العادة، كنت متلهفة لرؤيته..لسماع صوته..لنظرته، لم أكن أعرف وقتها حقيقة ما بداخلي، لم أكن أعرف وقتها إلا أنني أريد رؤيته.

حدثته أربع مرات، في كل مرة كنت أستعجله بالمجيء، وفي المرة الرابعة طلب مني أن أنتظره، وأكد على " متخليش حد يضايقك لغاية ما آجي..متخليش حد يضايقك غيري"، عرفت فيما بعد سبب ضيقي، وعرفت ماذا يقصد بكلمته، وعرفت أنه كان يعرف، وأنه يعرف أنني أعرف، وأنا لا أقوي على الكلام.. وهو الآخر لا يقوي عليه.

جاء إلي وجلسنا معا عشر دقائق فقط، كان يومها هادئا، أما أنا فكنت مرتبكة لأقصي مدي، سعيدة وحزينة، خائفة رغم شعوري بالطمأنينة، متلهفة ومنتظره.

قال لي " شكلك لطيف قوي وإنتي متضايقة" فضحكت.." شكلك لطيف وإنتي بتضحكي". أخبرته أنني سأبكي فقال " عارف إن شكلك هيبقي لطيف وإنتي بتعيطي بس مش هقولك كده علشان مش عايزيك تعيطي".

وقتها أخبرته أنني أحبه دون أن أنطق بحرف واحد، ووقتها أخبرني أنني.."

عند هذه (الـ أنني) توقفت تماما عن الكلام، وفشلت جميع محاولاتي أن أعرف بماذا أخبرها، واضطررت - للمرة الثانية- أن استجيب وأستسلم أمام عندها الشديد، لكن الأكيد أني سأحاول أن أعلم منه ماذا أخبرها، وربما تحول هذا إلي هامش آخر.

0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 4


علي سبيل التكدير:

إن كان استخدام "اللغة" أمر ضروري للتعبير عن الحب؛ فأنا افضل لغة الإشارة.

الهامش الرابع:

كان أول ما لفت انتباهه هو اختيارها الجلوس إلي طاولة تكشف باب المقهي بصورة ممتازة، وتساءل - في نفسه طبعا- هل تعمدت أن تجلس في الجزء الممنوع فيه التدخين من المقهي؟.

(

أفكار وملاحظات لم تكد تظهر حتى اختفت سريعا أمام شوقه المتزايد لها، كان كلما اقترب موعد اللقاء زاد اضطرابه وخوفه، وقل عدد الحقائق التي يعتبرها مهمة في هذه الدنيا حتى تلخصت في حقيقتين فقط.. هو يحبها وهي تحبه، هي تنتظره الآن وهو يشتاق إليها كما لم يفعل من قبل.

)

رأها.. ابتسمت.. توقفت الأرض عن الدوران.. اتجه نحوها مسرعا.. داهمته رغبة قوية في احتضانها.. وقف أمامها.. ظلت جالسة..ظلت جالسة..ظلت جالسة..تململت الأرض في وقفتها.. لكنها ظلت جالسة.. مدت يدها تسلم.. مد يده..مال عليها وقبلها على وجنتيها.. ثم جلس.

لم يصارحني بتفاصيل هذا اللقاء إلا بعد مرور فترة - أظنها أكثر من أسبوع- عليه، وحتى بعد مرور هذه المدة كان يتكلم بإنفعال وكأنه حدث بالأمس فقط، ومما زاد من انفعاله و اضطرابه أنني لم أدرك بالضبط سبب الطريقة الغريبة التي كان يتحدث بها، ولما نفذ صبره تماما وفقد القدرة - والرغبة- في ايضاح مشكلته نظر لي بحدة و قال بلهجة ساخرة " مش مهم تفهم..هي فاهمة"

0 comments

هوامش على دفتر الفتنة 3


علي سبيل التزوير:

أنا اللي بالأمر المحال اندبح

ولا عمري خفت من جني ولا من شبح.

الهامش الثالث:

لم ترضه الإجابة التي حصل عليها من أحد الأصدقاء عندما سأله عن امكانية "اللعب" في رباعيات جاهين، أو خلط رباعيتين ببعضهما، ولم يعجبه تعامل هذا الصديق مع الموضوع كمزحة وعدم اعطاءه الأهمية الكافية من وجهة نظر صاحبنا المفتون.

كان يعشق صلاح جاهين؛ و فكرة وجود مبدع كجاهين كانت متعبة بالنسبة له لأسباب ربما لن يفهمها غير المبدعين ، ولذلك كان تجرؤه على اللعب في نصوص "جاهينية" أمر يستأهل أن نقف أمامه طويلا، وأنا هنا لا أتكلم عن وقفة فلسفية نحاول فيها تحليل دلالات الخلط وسبب اختيار هاتين الرباعيتين بالذات، فهذا نوع من الوقفات لا يفعله إلا السفهاء والمدعون والصحفيون..وساء أولئك سبيلا.

أنا - وبشكل شخصي جدا - أظن أنه لم يختر أو يفكر، و أغلب الظن أن كل ما يقوله أو يفعله من أشياء يستغربها الناس هي بعض من إرهاصات الفتنة وهوامشها. خاصة أنه كان يعاني من داء "الصمت"، أو بالأحري "عدم القدرة على الكلام" ، وإذا حدث له ما يؤثر فيه بشدة ولم يستطيع الكلام عنه بشكل مباشر، وهذا يحدث كثيرا، كان يستبدل المباشرة بهذه الإبداعات الألمعية التي كان لزاما علىّ - دون جميع الناس- أن أتقبلها واتعامل معها.

لكن كل هذه الإبدعات في كفة، وما فعله - وما أبدعه - بعد عودته من أحد لقاءتهما في كفة أخري، كان شكله غريب وكلامه أغرب و .. لحظة واحدة.. هذا ليس موضوعنا الآن، لأن هذا هامش آخر.